أَجدّ اِبن أمّيَ أَن لا يؤوبا
وَكان اِبن أمّي جليداً نجيبا
تَقيّاً نقيّاً رحيبَ المقام
كميّاً صليباً لبيباً خطيبا
حَليماً أريباً إذا ما بدا
سَديد المقالةِ صَلباً دريبا
وَحسناء في القولِ منسوبة
تكشّف عَن حاجِبيها السبيبا
فَشد ّبمنطقهِ مُقصراً
فَدارت بهِ تَستطيفُ الركوبا
تَشفّ سَنابكها بِالعرى
وتطرحُ بالطرفِ عَنها العيوبا
فَلمّا عَلاها اِستمرّت بهِ
كَما أفرغَ الناضحانِ الذنوبا
وَأَجرى أجاريّها كلّها
وَمن كلّ جريٍ تلاقي نصيبا
أَتى الناس مِن بعد ما أَمحلوا
فَقالَ وَجدتم مكاناً خصيبا
فَساروا إِلَيه وقالوا اِستَقِم
فَلَم يَجدوهُ هَلوعاً هيوبا
بِقوم إِذا أفزعوا مسّكوا
وَأدركَ منهم ركوبٌ ركوبا
وَطعنة خلسٍ تَلافَيتها
كَعطّ النساءِ الرداء الحجوبا
وَحوراءَ في القومِ مظلومةٍ
كَأنّ عَلى دفّتيها كثيبا
تَيمّمتها غيرَ مُتسأمرٍ
فَعرقبتها وَهززت القَضيبا
فَظلّت تكوس على أكرعٍ
ثلاثٍ وَغادرت أخرى خضيبا
وَقلتَ لِصاحبها لا تُرع
فَلم يعدم القومُ نصحاً قريبا
فَراحَ بعدي على جسرةٍ
أَمونٍ وَغادرت رَحلاً جنيبا
وَزقّ سباهُ لأصحابهِ
فَظلّ يُحيّا وظلّوا شروبا